image-1

@Almeshalhussainحسين المشعل 

في ليلة رمضانية رائعة ، وفي فجر الجمعة ومن المسجد النبوي الكريم أتاني مقطع فيديو من الدكتور أحمد العرفج الكاتب المعروف،  والإعلامي المشاكس الشهير بأنه في الحرم المدني يتناول إفطاره مع جموع المصلين استبشرت فرحا وأيما فرح بأن عامل المعرفة متواجد في مدينة رسول الله (ص) فأرسلت له مباشرة طلب اللقاء به على رغم مشاغله،  وسفره وأعماله الكثيرة ، إلا إني دهشت من سرعة تجاوبه وردة فعله وطلبه لي بلقائه  في يوم اليوم التالي مباشرة ، وتناول الإفطار معه في أرض محبت ، وهي حي قديم بالمدينة المنورة  يتجمع فيه أهالي الحي ممن سكنو فيها قديما في يوم محدد من شهررمضان سنويًا للقاء الأحبة والجيران وليجددوا عهد الحب والمودة بينهم. أعرف أبا سفيان منذ سنوات وبيني وبينه تواصل منذ أيام ابتعاثي لأمريكا قبل تسع سنوات ، وكنت متابعاً جيداً لأطروحاته في الإعلام،  ولكن لم ألتقِ  به ولم أصادفه يوماً ما أبداً ، وشاءت الأقدار أن ألتقي به في مدينة رسول الله (ص) وأحظى بليلة كاملة  .بصحبته وصحبة مجموعة من أصدقائه الطيبين ، وخلال تلك الفتره القصيرة أكتشفت الكثير في شخصيته

فمذ بداية اللقاء والجلوس رأيته مرحاً مع الجميع وملاطفاً للصغير والكبير وجدت في الدكتور بساطة النجباء وعفة الفقراء كما أنه 
أصر مشكورا على أخذي في جولة  بطيبة الطيبة، فقمنا بزيارة المزارع ، واللقاء بالكثير من أحبابه ، وتنقلنا من مكان إلى آخر ، و في كل مكان نذهب إليه أجد إقبال الناس عليه وحفاوتهم الكبيرة به وسلامهم الحارعليه،  ومن يجدهم متحرجين للقدوم إليه لكثرتنا يلتفت أحدنا ويخبره، فنجده يذهب بنفسه ويبادربالسلام عليهم ، والسؤال عن أحوالهم وإلتقاط الصور معهم. كما أنه دعا بعض الشباب ممن أتوا للسلام عليه للجلوس معنا ومشاركتنا أحاديثنا، والحقيقة لم أرَ أحداً يفعلها غيره سوى الندرة من كبار النفوس ، فأنا أعرف من المشاهير الكثيروغيرهم ممن يحاول أن يبتعد عن  مخالطة الناس ، ولا يبادرهم كما يفعل ، ولا يدعوهم للجلوس معه لأنه لاتربطه بهم أي علاقة، كان مختلفاً عن غيره في كسب ود الناس بأريحيته الفائقة ، وصدره المتسع للجميع. جلسنا وتطرقنا للأحاديث المتنوعة في إحدى المزارع السياحية الجميلة بالمدينة كان أبو سفيان دائم السؤال عنا جميعا بين الحين والآخر يتفقد أحوالنا و إذا ما ينقصنا شيء ، أو نحتاج إلى شيء ، كنت أعتقد أن الدكتور بالفعل كما يقول أنه مثل المشايخ ممن  يُعزَمون ولا يَعزِمون، لكني وجدته يقولها مازحاً وكان أول المبادرين والمتقدمين لدفع الحساب عنا في كل شيء ولا يسمح لأحد بالمحاسبة  ،أنه الكرم المتأصل في نفسه الكبيرة. وجدته ضاحكاً بشوشاً مرحاً دائم البِشر لاتفارق الإبتسامة محياه. والجدير بالذكر إنني لم أسمعه ينتقد أو يتطرق لأحد بالسوء والأذى، على عكس  الكثير ممن يقذفون الناس في مجالسهم

وجدته سلساً  في حديثه مشوقاً في طرحه لا يتصيد الألفاظ الرنانة ، بل يخاطب الناس بمحبة وهدؤ رغم موسوعيته الثقافية والمعرفية  الشاملة ، فهو مثقف وقارئ متميز،  فمن يعرفه عن قرب ويصاحبه لايمل من  حديثه ومن أدبه وتواضعه إذا أسدى لأحدنا نصيحة يقول هذه ليست نصيحة بل هي كلمة ، حتى في انتقاء مفرداته كان دقيقاً وراقياً. طوال اليوم كنا مستأنسين  بصحبته ومشاكسته وطرائفه. في جولتي معه كانت ترده إتصالات  كثيرة ورسائل تدعوه لتناول وجبات الإفطار والسحور من مختلف الشرائح من كبار شخصيات وغيرهم ، لكنه يرفض وقد استغربت من ذلك! لأننا متعودون دائماً على مجاملة المسؤولين وكبار الشخصيات أمسكت به فقلت له فعلك غريب جداً ترفض دعوات كبار الشخصيات وتأتي للأماكن المتواضعة  لتفطر معهم وتقدمهم على غيرهم حتى في المجالس تقدم أصحابك في صدر المجالس لماذا تماما عكس المشاهير؟ قال : ياصديقي أنا لا أحب البذخ والروتين والمجاملات التي لاتغني ولاتسمن من جوع أنا من هنا أتيت وبين هؤلاء عشت لا أحب الرسميات ولا التكلف فقال لي حينما أزورك في الأحساء لاتذهب بي إلا للأماكن التراثيه والبسيطه  والجميلة. وعطفا على سؤالي له بخصوص صدر المجلس رد كرد نابليون وقال: “حيثما أكون يكون صدر المجلس” صدق الدكتور فالأماكن لاتمنحك المكانة ولا الرفعة ولا الهيبة ، أنت فقط من تمنح المكانة للمكان الذي تكون فيه. للأمانه أغلب الدعوات التي كانت تأتيه يحيلها ويدعوا للتبرع بها لصالح الأيتام  ودور الأيتام، كان همه الأكبر دائماً وأبداً إسعاد الأيتام وحريصاً  على زيارة دورهم ومساعدتهم ورسم البسمة على شفاههم. كان همه الأكبر وشغله الشاغل الأيتام لأنه عاش كذلك فأصبح عميداً لهم

إلتفتُ إلى  البراء الذي أتى برفقة الدكتور فهمستُ في إذنه وأردتُ مشاكسته ونقد الدكتور قلت له ممازحا : لماذا شاب مثلك يرافق رجلاً مشاكساً في الإعلام وفي التلفزيون ولم يسلم أحد من لسانه؟ فرد علي برد لم أتوقعه منه فقال: ياحسين والله أنه أطيب إنسان عرفته في العالم كله في تواضعه وطيبته ، قلت : له يارجل لاتغالِ  فيهِ ، وكأنه نبي! قال واللهِ ماقلتُ  إلا الحق والحقيقة وماوجدته منه طوال مرافقتي له. ثم حدثت بعض المواقف في جولتنا من قبل الدكتور فالتفت إلى الأصدقاء الذين تشرفتُ بمعرفتهم برفقة الدكتور ناصر عسيري وإبراهيم الرحيلي وهم رجال محترمون طيبون تشرفتُ بمعرفتهم  ، ومن الأصدقاء المقربين للدكتور ومرافقيه في الحل والترحال ، أسأل كل أحد منهم  بمعزل  عنه فأقول هل هذا هو بالفعل وهذه طبيعته؟ فقالا:  نعم هكذا هي سجيته وعفويته مع الناس جميعهم الأمير والوزير والفقير والغني.  الحقيقة لم أشك يوماً في هذه الصفات ولا هذا النبل ، ولا في هذه الأفعال والأخلاق لأن من تربى في حضن السيدة المغفور لها بإذن الله لؤلؤة العجلان رحمها الله التي كانت لنا جميعاً أماً،  وكانت تدعوا لنا ، وتشركنا في دعائها معه ، وكانت تقدمنا جميعاً عليه حتى أصبح الناس ينادونها بأم السعوديين جميعاً لما شاهدوه منها وفي انتشار مقاطعها معه رحمها الله تعالى. 

وفي نهاية اللقاء والأحاديث كان السحور في ضيافة أسرة الرحيلي الكريمة بدعوة الصديق إبراهيم وأخيه عادل إذ كان يوماً جميلاً لم أود الحقيقة أن ينتهي لأن الوقت مضى كسرعة البرق في صحبة الدكتور والأحباب ،  وكان الدكتور وإبراهيم يشكلان ثنائياً جميلاً في المشاكسة مع بعضهما البعض ، وقصص ذكرياتهم التي تستحق أن تروى في كتاب ،  كما كان الدكتور وعلي العلياني على روتانا مشاكسين لبعضهما. أدركت بعد هذا المساء الجميل محبة وشعبية الناس للدكتور لبساطته وسمو نفسه ، وأنه يدخل السرور لمن هم حوله كان دمث الخلق متواضعاً بشوشاً صاحب أدب جم يطلق سراح الفرحة والسعادة  لمن هم حوله كما أيقنت أن الأهداف التي وضعها على عاتقه فعلاً كان يطبقها في حياته اليومية ويحث من حوله عليها ، وبشكل دائم وهي تقوية الصلة بالله وبرالوالدين ، ورأينا كيف كان باراً بوالدتنا لؤلؤة العجلان حريصاًعلى  برها وزيارتها على كثرة مشاغله. نشر ثقافة القراءة فوجدنا كيف خصص فقرة من  كتاب يتحدث عنها بشكل مختصر ويدعوا الناس لقراءته في برنامجه ياهلا بالعرفج ، ونشر ثقافة المشي فوجدنا كيف يستضيف الشخصيات في برنامجه وفي حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، ويحثهم على المشي وكيف غيّر حياة الكثيرين وجعلهم مداومين على المشي. وأخيراً نشر ثقافة الأمل والعمل والإيجابية ومن يعرفه عن قرب ويتابع مقالاته يجد فيها الإيجابية والسعادة ، وأنه مصدر إلهام وسعادة وفرح فعادة الناس تبحث عمن يبث فيهم الأمل ومن يستأنسون بمجالسته لا بمن يبث فيهم الحزن. هكذا كان عامل المعرفة أبو سفيان متألقاً ومرحباً. وأغبط نفسي ويغبطني الكثيرين على معرفتي به حقاً إنه معرفة رجل يستحق التقدير والإكبار ، فحينما كنتُ معه كانت كمية الرسائل الإيجابية من الناس التي تصلني عنه ، وعن برامجه ياهلا بالعرفج و عدنان إبراهيم وكتاباته في الصحف ومؤلفاته الجميلة واالمتنوعه.